"الحمد لله الذى أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا" "سورة الكهف: آية 1"، "إنه لقرآن كريم، فى كتاب مكنون، لا يمسّه إلا المطهّرون، تنزل من ربّ العالمين" "سورة الواقعة: الآيات من 77 إلى 80" "إنا أنزلناه قرآنا عربيا لعلّكم تعقلون" "سورة يوسف: آية 2". وأكد الله تبارك وتعالى حفظه "إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون" "سورة الحجر: آية 9". "الحمد لله سيريكم آياته فتعرفونها" "سورة النمل: آية 93" "سبحانك لا علم لنا إلا ما علّمتنا إنك أنت العليم الحكيم" "سورة البقرة: آية 32".
فيا أيها الانسان "لا تدع من دون الله ما لا ينفعك ولا يضرك" "سورة يونس: آية 106" "إن الله لذو فضل على الناس ولكن أكثرهم لا يشكرون" "سورة يونس: آية 60" "لئن شكرتم لأزيدنّكم" "سورة ابراهيم: آية 7" "ما عندكم ينفد وما عند الله باق" "سورة النحل: آية 96" "إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم وإن أسأتم فلها" "سورة الإسراء: آية 7" "وأن ليس للانسان إلا ما سعى وأنّ سعيه سوف يرى ثم يجزاه الجزاء الأوفى" "سورة النجم: الآيات من 39 إلى 41".
المعاملة العادلة
هذا الكتاب أنزل على رسول الله، محمد صلى الله عليه وسلم "إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله" "سورة النساء: آية 105". وهذا ما جعل الرسول، عليه الصلاة والسلام، لا يتعامل مع الآخرين بالعنف، والفظاظة والغلظة لالتزامه بتوجيهات الله تبارك وتعالى "ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك" "سورة آل عمران: آية 159". إنها إشارة واضحة دقيقة لكل من يتحمل مسؤولية أن يلتزم بأحكام الرسالة الإسلامية الدائمة فى القرآن المجيد وآياته وما ورد فيها من حقوق وواجبات ومعاملات مع الناس فى مختلف الحالات. ثم يقول الحق تبارك وتعالى فى نفس الآية "فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم فى الأمر فإذا عزمت فتوكل على الله إن الله يحب المتوكّلين" "سورة آل عمران: آية 159" فهذا الجزء من الآية فيه إشارة للميل إلى العفو عن الناس إذا كان ليس هناك ما يستدعى العقوبة، وليس هناك تعدّ على حدود الله الواضحة فى كتاب الله وألا يكون الاستغفار من الله فحسب فقد يأتى متخاصمان، ويكون المشتكى هو الظالم، ولا يعلم، فيبين الراعى نواحى الظلم التى وقع فيها الظالم. وإن كان المشتكى لا يعلم ذلك ويطلب منه أن يغفر لخصمه، وهذا هو الاستغفار لهم من بعضهم لبعض.
المشاورة فى الأمر
إن المشاورة فى الأمر، تكون فى الأمور الخطيرة التى تحتاج إلى قرار مثل قرارات الحرب، والصلح، والسلم، التى لها أبعاد تهم كل الناس فيطلب الله من الراعى أو الحاكم أن يستشير شعبه فى مثل هذه الأمور، وبعد تبيّن كل الجوانب يقع القرار الأنسب والأصلح للجميع. وليس هناك إلزام بارضاء جميع الناس وباختيارهم.وهذا هو مقصد قول الله تبارك وتعالى "فإذا عزمت فتوكل على الله إن الله يحب المتوكلين" "سورة آل عمران: آية 159".
كما يقول الحق تبارك وتعالى "والذين استجابوا لربّهم وأقاموا الصلاة وأمرهم شورى بينهم ومما رزقناهم ينفقون" "سورة الشورى: آية 38" أى الذين آمنوا برسالة محمد، صلى الله عليه وسلم، وبما ورد فى القرآن الكريم كلّه، وأقاموا العبادات، وأمرهم شورى بينهم يطيعون من أطاع الله.
عدم الخنوع للذات
تبعا لما ذكرت فإن الذين إذا أصابهم ظلم، من أى معتد، فرد، أو أمة أخرى لا يخنعون ذلا واستكانة، بل ينتصرون للحق، ولا يقبلون بالظلم من أحد أبدا. والعجيب أن البشرية تدرك أن الله برأ ذاته من الظلم أصلا، بدليل قوله تبارك
وتعالى "إن الله لا يظلم مثقال ذرة" "سورة النساء: آية 40" فكل ظلم يقع على الانسان هو إما من نفسه، أو ظلم من غيره سواء كان فردا أو أمة أخرى من الأمم أى من الإنسان لا من الله أبدا.
"ولا يحيق المكر السيء إلا بأهله" "سورة فاطر: آية 43". فلنتساءل بعد أن كشفت آيات الكتاب المبين الغطاء عن كل جزئية، وبينت الفرق بين العدل والظلم، وبين الحق والباطل، وبين الطيب والخبيث.
من أين يأتينا الظلم؟.. فالظلم لا يأتينا غالبا إلا من أنفسنا، والله تعالى كان حريصا فى ردع الظالمين بدليل قوله لرسوله نوح، عليه السلام "ولا تخاطبنى فى الذين ظلموا إنهم مغرقون" "سورة المؤمنون: آية 27" وقوله لرسوله محمد، خاتم المرسلين، صلى الله عليه وسلم "وسيعلم الذين ظلموا أى منقلب ينقلبون" "سورة الشعراء: آية 227".
العزة لله وحده
لهذا لا يظن هؤلاء المغرورون أن العزة بالمال، أو بالجاه، أو بالسلطة فكلها إلى زوال وفناء، فالله تعالى أكد أن العزة لله كلها، وهو مالكها وهو مانحها، فلا يمنحها إلا لمستحق. ولا يستحق العزة برأى الله فى القرآن إلا المؤمن بالله الموحد له، الذى لا يشرك به أحدا من رسول أو ملاك أو شيء آخر.
والعالم الذى يؤمن بالعلم، ويرفض الأوهام والظنون هو مؤمن بمصدر العلم الواحد الأحد، أى مؤمن بالله، علام الغيوب لأن الله حق وعلم. فالذى يؤمن باليوم الآخر ولم يخش إلا الله اكتمل إيمانه "سبحان ربّك ربّ العزّة عمّا يصفون" "سورة الصافات: آية 180"، "ومن كان يريد العزة فللّه العزة جميعا" "سورة فاطر: آية 10" والله تعالى يقول للمنافقين "ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ولكن المنافقين لا يعلمون" "سورة المنافقون: آية 8" ومن يملك القوة مع الإيمان لا يغلب لأن الله معه. ومن هنا نعلم لماذا جعل الله "العزة لله جميعا" "سورة النساء: آية 139" فمن اعتز بغير الله ذلّ.
موضوع: من اعتزّ بغير الله ذلّ 
الأحد 9 ديسمبر 2007 - 4:58